السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته .،
كالمعتاد ، إستقيظ تلك الفتاة الصغيرة التي لم تتجاوز الـ ثامنة عشر بعد ، جهزت نفسها . .
و إنطلقت إلى المدرسة في حماس كالعادة ،
لو إنها عرفت ما الذي سيحدث لها ما خرجت من البيت أبداً . .
دق الجرس مُـلعناً نهاية الدوام المدرسي ، خرجت أمام باب المدرسة في إنتظار أباها لكي يأخدها للبيت
رن الهاتف فجـاءة ، إنها الأب .. يخبرها بأنها سوف يتأخر قليلا
فرحت لأنها تحصلت على المزيد من الوقت لتقضيه مع زميلاتها
كان حديث الفتايات حينها عن الشباب فقط ، فكلا واحدة منهم تتحدث عن صديقها أو بالأحرى ذلك الحبيب المؤقت
تضايقت كثيرا لأنها لم تشاركم الحديث ، فلم تجرب الحُب قبلا ، و لم تشارك أي فتى حياتها
قالت في نفسها " هـل العيب في أم فيهم ، لكنهم مثلي و أنا مثلهم "
مضى القليل من الوقت و هيا تفكر في الحديث الذي يدور حوليها من قبل صديقاتها
لكن ما أوقف شُرودها في التفكـير تلك السيارة السوداء التي وقفت أما باب المدرسة
إتجهت أنظار جميع الفتيات لتلك السيارة " يبدو أنه روميو عصره "
أحست صديقتنا بشعور غريب إتجاه تلك العربة ، كالمعتاد لم تعرها أي إهتمام في تلك اللحظة ، لكن بعدما كثر حديث الفتيات عن تلك العربة ، و تناقل الحديث بينهم ..
فبعضهن فكر إنه إبن عائلة ثرية جدا ، ركن سيارته أمام المدرسة لكي يجد فتاة أحلامه " يا له من تفكير ساذج " . . فقد كانت العربة جدابة جدا ، و كانت من أحدث أنواع السيارات ..
لم تستطع صديقتنا المكوث في مكانها ، فكانت تريد أن تشعل نار صديقتها بأن تسـبقهن إلى ذلك الشاب " الذي لم تره بعد " ..
لم تتحرك السيارة من مكانها و كذلك أنظار الفتيات لتلك السيارة ، علها تـكون مُـفتاح سعادة إحداهن .
قررت صديقتنا المسـكينة أن لا تقف مـكتوفة الأيدي في حين تتسابق باقي صديقاتها على جدب إنباه صاحب السيارة ..
إنطلقت مُـسرعة نحـو السيارة و إذ بها تخرج قلم و ورقة و كتبت رقم هاتفها على تلك الورقة الصغيرة ، طوتها و وضعتها على مقدمة السيارة ..
إتجهت أنظار الفتيات " مع سم يملئ قلبهن " إلى تلك الفتاة ، كيف ولماذا هيا التي سبقتنا إلى ذلك الشاب ..
إنتظرت الفتاة أمام السيارة ، فكانت تنظر خروج فارس أحلامها لكي يأخد الورقة .. و قد عاشت في أحلام كثيرة تلك اللحظة ..
و للأسف لم يُـوقظها من الحُـلم إلى صـوت رقيق " صوت طفل صغير " يصيح و يقـول أبي ، أبي ..
ثم فُـتح باب تلك السيارة ، فرحت كثيرا ، إعتقد إن الشاب الذي راودها في شريط الأحلام السريع قد قرر الخروج و أخد الورقة ..
فلم يصدمها إلا خروج رجل هرم ، لم يكثر ماله بقـدر ما كثر همه ، فقد غطى الشيب رأسه ، و تلاصقت طبقات وجهه حتى قارب إلى مرحلة التشوه ، عجوز لم يتبقى له ربع ما عاشه في هذه الحياة ..
أخد الطفل بحضنه وقبلهُ ثم ركب السيارة و أغلق الباب ..
ضاعت أحلام تلك الفتاة ، كأنها لم تتواجد أصـلا ، " كيف ، لماذا ، ما الذي أوصلني إلى هذا المستوى ، كـرامتي الآن أصبحت شيء من الماضي "
ما أجملها من حـياة لكـي تـختبرني هـكذا
لم تنتظر أباها ذلك اليوم ، فكان كل ما تريده الابتعاد عن أسوار المدرسة ، و عيون السخرية التي ملئت المكان ...
فاليوم فقدنا كرامة فتاة عربية جديدة ..
و الله أعلم بما هو قادم