زهرة ليبيا !~¤§¦ زهرة ابن ليبيا ¦§¤~!
عدد الرسائل : 542 العمر : 48 تاريخ التسجيل : 01/06/2008
| موضوع: بعد الرحيل ماذا سيقال عنك الخميس أغسطس 28, 2008 7:48 am | |
| يبدو الإنسان مهموماً بما سيُقال عنه بعد رحيله، ولعله لأجل ذلك يعتني بعض القوم بأضرحتهم كما عند الفراعنة أو تشييداً كما عند كثير من الأمم. وهذا مما نهى عنه الإسلام، فقد أمر بتسوية القبور، وعدم رفعها أو تشريفها أو البناء عليها. والذكر الحسن هو من الحوافز القوية لدى الإنسان، وهو حافز فطري من حيث الأصل مثله في ذلك مثل غريزة الأكل أو النكاح أو التملك أو سواها.
تساءلت مع نفسي! ماذا سيُقال عنك بعد رحيلك؟ وأيقنت أن هذا السؤال يخطر على بال كثيرين، ومِن قَبلُ تردد في أعماق أناس كثيرون ووضعوا بَصْمَتَهم، ثم غادروا والسؤال مدفون في ضمائرهم، فلم يصلنا صداه! والسؤال هنا هو نتاج الفطرة ، لعدم وجود ما يدعو إليه أصلا . هل أنت استثناء حتى تسأل سؤالاً كهذا؟!
قد تذهب حيث ولا يذكرك أحد إلا القليل من دائرتك الضيقة المحدودة، ممن ألفوك وصرت جزءاً من كينونتهم، كالأهل والأطفال وشركاء العمل، وقد يكتب عنك بعض مقالات في صحيفة أو مجلة أو موقع إلكتروني، أو ينبري بعض من يرون لك عليهم حقاً لإحياء هذه المناسبة بطريقتهم الخاصة، وفاءً لذكراك! وعلى أحسن الأحوال، ستكون مثل عديد ممن ترجم لهم الذهبي أو ابن كثير أو السبكي. وعندها ستكون رجلاً مذكوراً في بعض المصادر والمدونات المعنية بالتراجم والرجال. وسينقل المؤلف أو الكاتب عنك بعض ثناءات لا تخلو من مجاملة أو بقصد رسم القدوة للأحياء، فأنت ثاوٍ هامد لا تُخشى منك منافسة، ولا يثور عليك حسد، اللهم ربما! سيقرأ عنك قرّاء يسمعون باسمك لأول مرة، فهم مستغربون من هذا الثناء.. هل أنت مظلوم مبخوس الحق؟ أم المترجم بالغ وتجاوز الحد؟ وهم لو قارنوك بغيرك لوجدوا أن الحياة تحفل بجم غفير ممن لهم ذكر أو أثر يكبر أو يصغر، في الشأن العلمي، أو التربوي أو الإعلامي أو .. أو وأن هؤلاء حين يرحلون فلن يعدم من يؤرخهم أن يجد ما يقوله عنهم، وإذا كان معنياً بالكتابة فسيجمع قصاصات من هنا وهناك قد توهم من يقرؤها مجتمعة أنه أمام شخصية استثنائية، بيد أن الأمر ليس كذلك! ستكون الأمور على ما يرام، والناس بخير، والكون كما هو يعمل ويتحرك، والبرامج قائمة، رحيلك لن يكون مشكلة حقيقية، وإن قيل ذلك! ستكون النوبة إلى آخرين، وسيقومون بالمهمة على الوجه المستطاع، وستُداوَى الجراح مع الزمن، وينتهي كل شيء.
هنا يكون الموت حافزاً حقيقياً للعمل والإبداع والمواصلة والإنجاز, وكسب المزيد من الخبرات ، وليس سبيلاً إلى التراخي والهمود واستعجال الموت قبل حلوله. "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" . [الحجر:99] وفي الحديث "اغتنم خمساً قبل خمسٍ شبابَكَ قَبل هرمِكَ وصحتَكَ قبل سقمِكَ, وغناكَ قَبلَ فَقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ وحياتَك قبل موتِك" . رواه النسائي وأحمد وفي البخاري عن ابن عمر مرفوعاً "كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. ولو قُدِّر لك أن تسمع ما يقال حينئذٍ، لترامى إلى أذنك صوت يقول: رحيله محزن، ولعله كان خيراً وآخر يهمس: ظننا أنه سيترك فراغاً، بيد أن الأمر لم يبد كذلك ، وثالث يبوح: قدّم ما لديه! وسبحان من له الدوام [/size]...[/b] | |
|